نفس الأول ، لا شيئا غيره ، فالله سبحانه ، بحكم الصغرى صرف الوجود ، والصرف لا يتعدد ولا يتثنّى. فينتج أنّ الله سبحانه واحد لا يتثنّى ولا يتعدّد.
* * *
خرافة التثليث : الأب والابن وروح القدس
قلّما نجد عقيدة في العالم تعاني من الإبهام والغموض كما تعانى منها عقيدة التثليث في المسيحية.
إنّ كلمات المسيحيين في كتبهم الكلامية تحكي عن أنّ الاعتقاد بالتثليث من المسائل الأساسية التي تبنى عليها عقيدتهم ، ولا مناص لأي مسيحي من الاعتقاد به. وفي الوقت نفسه يعتقدون بأنّه من المسائل التعبدية التي لا تدخل في نطاق التحليل العقلي ، لأن التصورات البشرية لا تستطيع أن تصل إلى فهمه ، كما أن المقاييس التي تنبع من العالم المادي تمنع من إدراك حقيقة التثليث ، لأن حقيقته حسب زعمهم فوق المقاييس المادية.
هذا ومع تركيزهم على التثليث في جميع أدوارهم وعصورهم يعتبرون أنفسهم موحدين غير مشركين ، وأنّ الإله في عين كونه واحدا ثلاثة ، ومع كونه ثلاثة واحد أيضا. وقد عجزوا عن تفسير الجمع بين هذين النقيضين ، الذي تشهد بداهة العقل على بطلانه وأقصى ما عندهم ما يلي :
إنّ تجارب البشر مقصورة على المحدود ، فإذا قال الله بأنّ طبيعته غير محدودة تتألف من ثلاثة أشخاص ، لزم قبول ذلك ، إذ لا مجال للمناقشة في ذلك وإن لم يكن هناك أي مقياس لمعرفة معناه. بل يكفي في ذلك ورود الوحي به ، وأنّ هؤلاء الثلاثة يشكلون بصورة جماعية «الطبيعة الإلهية اللامحدودة» وكل واحد منهم في عين تشخصه وتميزه عن الآخرين ، ليس بمنفصل ولا متميز عنهم ، رغم أنه ليست بينهم أية شركة في الألوهية ، بل