وليس لأحد أن يغتر بظواهر هذه الآيات والألفاظ فيثبت لله سبحانه هذه الصفات بالمعاني المتبادرة منها ، بل لا بد أن يمعن النظر في القرائن حتى يقف على المراد الواقعي ، سواء أكان موافقا للمعنى اللغوي أم لا (١).
ومن هذا القبيل توصيفه سبحانه بالبداء في أحاديث أئمة أهل البيت وكلمات العلماء. فلا يصح الاغترار بظاهر هذه الكلمة.
الأمر الرابع ـ تغيير المصير بالأعمال الصالحة والطالحة
دلت الآيات والأحاديث الصحيحة على أنّ الإنسان قادر على تغيير مصيره بحسن أفعاله وصلاح أعماله ، بمثل الصدقة والإحسان وصلة الأرحام وبرّ الوالدين والاستغفار والتوبة وشكر النعمة ، إلى غير ذلك مما يوجب تغير المصير وتبدل المقدر السيئ ، إلى المقدر الحسن. كما أنه قادر بسبب الأعمال الطالحة على تغيير مصيره من الحسن إلى السيئ بارتكاب طالح الأعمال وسيّئها. فليس الإنسان محكوما بمصير واحد ومقدّر غير قابل للتغيير ، ولا أنّه يصيبه ما قدّر له شاء أم لم يشأ ، بل المصير والمقدّر يتغيّر ويتبدل بشكر النعم ، أو كفرانها ، وبالتقوى والمعصية إلى غير ذلك من الأمور ، من دون أن يمس ذلك بكمال علم الله سبحانه بأن يوجد فيه التغير والتبدل. كما سيوافيك بيانه.
وهناك آيات كثيرة وروايات صحيحة تنص على تغيير المصير بعمل الإنسان نذكر القليل منها :
القرآن وتأثير عمل الإنسان في تغيير مصيره:
١ ـ قال سبحانه : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) (٢).
__________________
(١) تقدم مفصلا بيان الطريق القويم في ذلك عند البحث في الصفات الخبرية من هذا الجزء.
(٢) سورة الرعد : الآية ١١.