(وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ)» (١).
فيلاحظ عليه أو لا : إنّ زيادة الآجال والأرزاق أو نقصانها بالأعمال مما لم تنفرد به الشيعة الإمامية. ومن العجيب أن يغفل عما رواه أئمة أهل الحديث ، وقد ذكرنا جملة منها فيما سبق.
وثانيا : إنّ الزيادة في الآجال والأرزاق وإن كانت توجب التغيير في التقدير ، لكنها لا توجب التغيير في علم الله أو مشيئته وإرادته.
ومنشأ الخلط بين الأمرين هو جعل تقديره سبحانه نفس علمه الذاتي ، وتوهم أنّ التغيير في الأول يوجب التغيير في الثاني. بل التقدير إنما هو في مظاهر علمه التي تسمى علما فعليا ، وهي عبارة عن الألواح الواردة في الكتاب والسنة : من المحفوظ ، والمحو والإثبات. فزعم الكاتب أنّ لله علما واحدا وهو علمه الأزلي وأنّه هو مركز التقدير واستنتج منه أنّ القول بالبداء يستلزم تغيير العلم الذاتي.
نعم هو سبحانه يعلم من الأزل أي عبد يختار أي واحد من التقديرين على مدى حياته ، وأي عبد ينتقل من تقدير إلى تقدير ، فليس هاهنا تقدير واحد بل التقديرات بجملتها موجودة هناك بوجود جمعي لا يستلزم الكثرة والتثني.
٣ ـ البداء في التقدير الموقوف لا المحتوم
إنّ البداء (تغيير التقدير بالأعمال) إنما يتصور في التقدير الموقوف. وأما القطعي المحتوم فلا يتصور فيه. وتوضيح ذلك بما يلي :
إنّ لله سبحانه قضاءين : قضاء قطعيا وقضاء معلقا ، أما الأول فلا يتطرق إليه البداء ولا يتغير أبدا.
__________________
(١) الإمام الصادق ، لأبي زهرة ، ص ٢٣٨.