٢ ـ الاختيار بمعنى تكوّن الإنسان بلا لون وماهية ، وأنّه مذ يرى النور يوجد بلا خصوصية ولا نفسية خاصة ، بل يكتسب الكل بإرادته وفعله ، لأنه لو ظهر على صفحة الوجود مع الخصوصية المعينة لزم كونه مجبورا في الحياة ، وهذا هو منطق الوجوديين في الغرب.
وبذلك تقف على أنّ المعتزلة تنطلق من مبدأ العدل ، كما أنّ الوجوديين ينطلقون من مبدأ تكون الإنسان بلا لون ولا ماهية.
٣ ـ الاختيار بمعنى الأمر بين الأمرين لا على نحو الجبر ولا على نحو التفويض. وهذا هو موقف القرآن الكريم وأئمة أهل البيت (عليهمالسلام) كما سيوافيك شرحه.
وبذلك تقف على أنّ الجبر لا يختص بالإلهي بل يعمه والمادي ، كما أنّ الاختيار مثله. فالإلهي والمادي تجاه هذه المسألة متساويان والاختلاف في ذلك ينطلق من الطرق التي يسلكها المستدل ، فيلزم لتوضيح البحث إفراد كل واحد من هذه المناهج عن البقية حتى يكون الباحث على بصيرة.
الأمر الرابع : الجبر على مسرح التاريخ الإسلامي
الآيات القرآنية والمأثورات التاريخية تشهد بأن فكرة الجبر كانت موجودة قبل الإسلام وقد ذكرنا بعض الآيات الدالّة على أنّ المشركين كانوا معتقدين بذلك عند البحث عن القضاء والقدر.
ومن المؤسف أن يكون الاعتقاد السائد بين بعض أهل الحديث هو القول بالجبر لعلل سياسية من السلطات الغاشمة ، واحتكاكات ثقافية مشبوهة بين المستسلمين من الأحبار والرهبان ، والمسلمين. وقد وقفت على بعض النصوص في ذلك فيما مضى. وإليك ما له صلة بهذا المقام.
١ ـ نقل القاضي عبد الجبار عن أبي علي الجبّائي في كتاب (فضل الاعتزال) : «ثم حدث رأي المجبرة من معاوية لما استولى على الأمر ،