وقال الأشعري في (مقالات الإسلاميين) : «تفرّد جهم بأمور منها : إنه لا فعل لأحد في الحقيقة إلّا الله وحده ، وإنّ الناس إنما تنسب إليهم أفعالهم على المجاز ، كما يقال تحركت الشجرة ، ودار الفلك ، وزالت الشمس» (١).
وعرفهم الشّهرستاني بأنهم يقولون : «إنّ الإنسان لا يقدر على شيء ، ولا يوصف بالاستطاعة وإنما هو مجبور في أفعاله لا قدرة له ولا استطاعة ولا إرادة ولا اختيار وإنما يخلق الله تعالى الأفعال فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات وإذا ثبت الجبر فالتكليف أيضا كان جبرا» (٢).
٢ ـ النجاريّة
ويليهم في القول بالجبر الطائفة النجارية (٣) فقالت : إنّ أعمال العباد مخلوقة لله وهم فاعلون وإنه لا يكون في ملك الله سبحانه إلّا ما يريده وإنّ الاستطاعة لا يجوز أن تتقدم على الفعل (٤).
وعرفهم الشّهرستاني بأنهم يقولون إنّ الباري تعالى هو خالق أعمال العباد خيرها وشرها ، حسنها وقبيحها ، والعبد مكتسب لها ، ويثبتون تأثيرا للقدرة الحادثة ، ويسمّون ذلك كسبا (٥).
ولأجل أنّ النجارية أضافت نظرية الكسب إلى القول بأنّ الله سبحانه خالق أفعال العباد ، خرجت عن الجبرية الخالصة. وقد تبنّت هذه النظرية أيضا الطوائف الأخرى كما سيوافيك.
__________________
(١) مقالات الإسلاميين ، ج ١ ، ص ٣١٢.
(٢) الملل والنحل ، ج ١ ، ص ٨٧.
(٣) هم أصحاب الحسين بن محمد بن عبد الله النجار ، وله مناظرات مع النظام ، توفي عام ٢٣٠ ه.
(٤) مقالات الإسلاميين ج ١ ، ص ٢٨٣.
(٥) الملل والنحل ، ج ١ ، ص ٨٩.