٣ ـ الضراريّة
ويليهم في تبنّي الجبر ، الطائفة الضرارية (١) فقالت : إنّ أفعال العباد مخلوقة لله تعالى حقيقة والعبد مكتسبها. ووافقت المعتزلة بأنّ الاستطاعة تحصل في العبد قبل الفعل (٢).
وهذه الطائفة تسمى بالجبرية غير الخالصة أيضا ، لإضافتها نظرية الكسب إلى أفعال العباد.
* * *
قال الشهرستاني : «الجبر هو نفي الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إلى الربّ تعالى فالجبرية أصناف : فالجبرية الخالصة هي التي لا تثبت للعبد فعلا ولا قدرة على الفعل أصلا. والجبرية المتوسطة هي التي لا تثبت للعبد قدرة غير مؤثرة أصلا. وأمّا من أثبت للقدرة الحادثة أثرا ما في الفعل ، وسمى ذلك كسبا ، فليس بجبري. والمصنفون في المقالات ، عدّوا النجارية والضرارية من الجبرية» (٣).
ولكن الحق أنّ إضافة نظرية الكسب من النجّارية والضرارية ، ومن الأشاعرة تبعا لهم لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تخرج القائل من القول بالجبر قدر شعرة ، وإنما هو غطاء وتلبيس على القول بالجبر. وسيوافيك بحث الكسب بتفاسيره المختلفة من أئمة الأشاعرة. ويكفي في عد منهج الأشعري منهجا جبريا ، ما ذكره في (الإبانة) و (مقالات الإسلاميين) عند بيان عقيدة أهل السنّة التي هي عقيدته (بعد رجوعه عن الاعتزال والتحاقه بمنهج أهل الحديث) ، يقول : «وأقروا بأنه لا خالق إلّا الله ، وأنّ سيئات العباد يخلقها الله ، وأن أعمال العبد يخلقها الله عزوجل. وأنّ العباد لا
__________________
(١) هم أصحاب ضرار بن عمرو. وقد ظهر في أيام واصل بن عطاء ، وقد ألف قيس بن المعتمر كتابا في الرد على ضرار سماه : «كتاب الرّد على ضرار».
(٢) الملل والنحل ، ج ١ ، ص ٩٠ و ٩١. ومقالات الإسلاميين ، ص ١٢٩.
(٣) الملل والنحل ، ج ٢ ، ص ٨٥ و ٨٦.