مناهج الجبر
(١)
الجبر الأشعري
قد عرفت الطوائف القائلة بالجبر في العصور الإسلامية الأولى ، ولكنها انقرضت ولم يبق منها إلّا الفكرة السائدة بين جماعة من أهل السنّة وهي نظرية الإمام الأشعري ، وهي عند الشهرستاني جبرية غير خالصة ولكنها عندنا لا تفترق عن الجبرية الخالصة.
إنّ الأشاعرة وإن كانوا ينزهون أنفسهم عن كونهم مجبرة ، لكن الأصول التي اعتقدوها واتخذوها أداة للبحث ، لا تنتج إلّا القول بالجبر ، وإليك فيما يلي أصولهم وما يستندون إليه في تفسير أفعال العباد.
الأصل الأول :
أفعال العباد مخلوقة لله سبحانه(١)
قد عرفت أنّ من فروع التوحيد القول بأنّه لا خالق إلّا الله سبحانه من غير فرق بين الذوات وأفعال العباد ، والآيات الواردة في القرآن الكريم
__________________
(١) عنون أوائل الأشاعرة هذه المسألة باسم خلق الأعمال. ولكن المتأخرين منهم بحثوا عنها تحت عنوان أن الله قادر على كل المقدرات ، أو أن أفعال العباد الاختيارية واقعة بقدرة الله سبحانه وتعالى وحدها ، لاحظ (شرح المواقف) ، ج ٨ ، ص ١٤٥.