صفتين هما حالتان ، جاز لي إثبات حالة هي متعلق القدرة الحادثة ، ومن قال هي حالة مجهولة ، فبيّنا بقدر الإمكان جهتها ، وعرّفنا أيّ شيء هي ، ومثّلناها كيف هي» (١).
وحاصل كلامه : إنّ للقدرة الحادثة تأثيرا في حدوث العناوين والخصوصيات التي هي ملاك الثواب والعقاب ، وهذه العناوين وليدة قدرة العبد. مثلا : وجود الفعل مخلوق لله سبحانه لكن تعنونه بعنوان الصوم والصلاة والأكل والشرب راجع إلى العبد والقدرة الحادثة فيه.
يلاحظ عليه : إنّ هذه العناوين والجهات لا تخلو من صورتين :
إمّا أن تكون من الأمور الوجودية فعندئذ تكون مخلوقة لله سبحانه حسب الأصل المسلم.
وإمّا أن تكون من الأمور العدمية ، فعندئذ لا يكون للكسب واقعية خارجية بل يكون أمرا ذهنيا غنيا عن الإيجاد والقدرة ، فكيف تؤثر القدرة فيه ، وكيف يكون ملاكا للثواب والعقاب.
وباختصار : إنّ واقعية الكسب إمّا واقعية خارجية متحققة ، فحينئذ يكون (الكسب) مخلوقا لله تعالى ولا يكون للعبد نصيب في الفعل ، أو لا تكون له تلك الواقعية بل يكون أمرا وهميا وذهنيا فحينئذ لا يكون العبد مصدرا لشيء حتى يثاب أو يعاقب.
ب ـ الكسب : إيجاده سبحانه الفعل مقارنا لإرادة العبد وقدرته
يظهر من بعض أئمة الأشاعرة أنّ المراد من الكسب هو قيامه سبحانه بإيجاد الفعل مقارنا لإرادة العبد وقدرته من دون أن يكون لقدرة العبد تأثير. وهذا يظهر من جماعة :
منهم : الغزالي وهو من مشاهير الأشاعرة في أواخر القرن الخامس
__________________
(١) الملل والنّحل ، ج ١ ، ص ٩٧ ـ ٩٨.