الإنسان وكونه فاعلا مختارا ، وأنّ كل فعل منه يصدر اختيارا ، ومثل هذا العلم يؤكد الاختيار ويدفع الجبر عن ساحة الإنسان ، كما أوضحناه فيما مضى (١).
وفي المقام كلمات للمحققين أوردناها في ملحق خاص ، فلاحظ (٢).
* * *
الأصل الثالث :
إرادته الأزلية المتعلقة بأفعال العباد
هذا هو الأصل الثالث الذي اعتمد عليه الأشاعرة ، قالوا : ما أراد الله وجوده من أفعال العباد وقع قطعا ، وما أراد الله عدمه منها لم يقع قطعا ، فلا قدرة له على شيء منهما(٣).
يلاحظ عليه : إنّ هذا الاستدلال نفس الاستدلال السابق لكن بتبديل العلم بالإرادة ، فيظهر الجواب عنه مما قدمناه من الجواب عن سابقه. وبما أنّ هذا البحث مما كثر النقاش فيه من جهات أخرى نفيض القول فيه حسب ما يسعه المقام ، فيقع البحث في جهات :
الجهة الأولى : هل إرادته سبحانه نفس علمه بالأصلح أو شيء آخر؟. قد أوضحنا الحال فيه عند البحث في الصّفات الثبوتية وقلنا إنّ الإرادة صفة كمال لا يمكن سلبها عن الذات بما هي كمال ، وهي غير العلم. نعم ، الإرادة المتجددة الحادثة المتدرجة الوجود ، لا تليق بساحته سبحانه ، وإنما اللائق بها كمال الإرادة متجردة عن وصمة الحدوث والتدريج وإن لم نعرف حقيقتها.
الجهة الثانية : على القول بأنّ إرادته غير علمه وقع الكلام في شمول
__________________
(١) راجع في توضيح الجواب بحث القضاء والقدر.
(٢) لاحظ الملحق الثاني في آخر الكتاب.
(٣) شرح المواقف ، ج ٨ ، ص ١٥٦.