نفسه مختارا ، ويرددون في أشداقهم كون الإنسان مسيرا بصورة المختار ونحن نأتي ببعض ما ذكر من الأجوبة ، ثم نذكر المختار من الجواب عندنا.
الأجوبة المذكورة في المقام
الجواب الأول : هو ما أجاب به صدر المتألهين قال : «المختار ما يكون فعله بإرادته ، لا ما يكون إرادته بإرادته. والقادر ما يكون بحيث إن أراد الفعل ، صدر عنه الفعل ، وإلّا فلا. لا ما يكون إن أراد الإرادة للفعل فعل ، وإلّا لم يفعل» (١).
يلاحظ عليه : إنّ ما ذكره من التعريف إنما هو راجع إلى الأفعال الجوارحية فالملاك في كونها أفعالا اختيارية أو جبرية هو ما ذكره وأمّا الأفعال الجوانحية الصادرة عن النفس والضمير ، فهي إمّا أفعال جبرية ، أو إنّ لكونها أفعالا اختيارية ملاكا آخر يجب الإيعاز إليه.
وباختصار : إنّ البحث ليس في التسمية حتى يقال : إنّ التعريف المذكور للفعل الاختياري يوجب كون الإرادة والفعل من الأمور الاختيارية ، بل البحث في واقع الإرادة وحقيقتها ، فإذا كانت ظاهرة في الضمير الإنساني في ظل عوامل نفسانية أو أرضية وسماوية ، فلا تكون أمرا اختياريا. وبالنتيجة ، لا يكون الفعل أيضا فعلا اختياريا.
الجواب الثاني : ما أفاده المحقق الخراساني في الكفاية في بحث التجرّي من أنّ اختيارية الإرادة وإن لم تكن بالاختيار ، إلّا أنّ مبادئها يكون وجودها غالبا بالاختيار للتمكن من عدمه بالتأمل في ما يترتب على ما عزم عليه من اللوم والمذمة أو التبعة والعقوبة (٢).
يلاحظ عليه : إنّه لا يدفع الإشكال ، لأنّ تلك المبادي لا تخلو إمّا أن
__________________
(١) الأسفار ، ج ٦ ص ٣٨٨. وله جواب آخر عن الإشكال غير متين جدا ، فمن أراد فليرجع إلى كتابه ، كما نقل جوابا آخر عن أستاذه المفخم المحقق الداماد.
(٢) كفاية الأصول للمحقق الخراساني (ت ١٢٥٥ ـ م ١٣٢٩). ج ٢ ، ص ١٤.