وبما إنّ الإرادة ليست علّة تامة للفعل ، تكون نسبة الفعل إليها نسبة الإمكان لا نسبة الوجوب.
يلاحظ عليه : بنفس ما لوحظ على كلام صدر المتألهين إذ المفروض أنّ ما وراء الإرادة أمر خارج عن الاختيار. فإذا كانت الإرادة مثله في الخروج عن الاختيار فلا يتصف الفعل بالاختيار ولا الإرادة به. وما ذكره مجرّد اصطلاح إذ لا شك أنّ نسبة الفعل إلى أجزاء العلّة التامة نسبة ضرورية وإلى بعضها إمكانية ولكنه لا يشفي العليل ولا يروي الغليل ، إذ البحث في أنّ مدار اختيارية الفعل هو الإرادة ، والإرادة ليست اختيارية لأنها تطرأ على النفس في ظل عوامل خاصة من نفسية وغيرها ، فالنسبتان المذكورتان لا تدفعان الإشكال.
نعم قد ذكر في ذيل كلامه هنا وفي موضع آخر من تفسيره (١) كلاما حاصله : إنّ إرادته سبحانه لم تتعلق بصدور الفعل عن الإنسان بأي نحو اتفق وإنما تعلقت بالفعل بجميع شئونه وخصوصياته ومنها أنها فعل اختياري صادر من فاعل كذا في زمان كذا إلى آخر ما أفاده. فهو جواب عن إشكال آخر تقدم عند البحث عن الجبر الأشعري (٢) وليس هذا جوابا عن الإشكال المطروح في المقام.
الجواب الخامس : ما أجاب به السيد المحقق الخوئي (دام ظله) في محاضراته في كلام مفصل نأخذ المهم منه ، وحاصله : منع كون الإرادة علّة تامة للفعل بل الفعل على الرغم من وجوده وتحققه يكون تحت اختيار النفس وسلطانها ولو كانت الإرادة علّة تامة لحركة العضلات ومؤثرة فيها لم يكن للنفس تلك السلطنة ، ولكانت عاجزة عن التأثير فيها مع فرض وجودها ..
ثم قال : «إنّ الميزان في الفعل الاختياري ما أوجدته النفس باختيارها وإعمال القدرة والسلطنة المعبر عنها بالاختيار وقد خلق الله النفس الإنسانية
__________________
(١) لاحظ الميزان ، ج ١١ ، ص ٢١.
(٢) لاحظ الأصل الثالث من أصول الأشاعرة.