مناهج الاختيار
(٢)
الاختيار لدى الوجوديين
الاختيار لدى الوجوديين ـ الذائع الصيت في الغرب ـ يقوم مقام التفويض لدى المعتزلة في الشرق الإسلامي غير أنّ الداعي يختلف عند الفرقتين ، فالمعتزلي الشرقي قال بثبوت الاختيار للإنسان في أفعاله بصورة التفويض حفاظا على العدل الإلهي. والوجودي الغربي ذهب إلى أنّ الإنسان يتكون ويتولد مجردا عن كل لون وصبغة ، وعن كل ميل وغريزة ، للحفاظ على حريته وعدم انسياقه بالذات إلى جانب خاص.
وإذا كان التّفويض المعتزلي ردّ فعل على الجبر المعروف بين أهل الحديث والحنابلة ، ثم الأشاعرة ، فالاختيار لدى الوجوديين بالنحو السابق ردّ فعل على الجبري المادي الذي يعتقد بأنّ الإنسان يتولد وهو أسير عامل الوراثة ثم الثقافة والبيئة. فالوجوديون تقدموا في إثبات الاختيار إلى حدّ أنكروا أن يكون لغير فعل الإنسان وعمله تأثير في تكوّن شخصيته.
ومن روّاد هذا المسلك في الأوساط الغربية الفيلسوف الفرنسي جان يول سارتر (١) وحاصل مذهبه :
__________________
(١) ولد في باريس عام ١٩٠٥.