فعله سبحانه بحيث يكون منقطعا عن العبد بتاتا ويكون دوره دور المحل والظرف لظهور الفعل ، كما أنّه ليس فعل العبد فقط حتى يكون منقطعا عن الواجب ، قضاء بكون الفعل بل الفاعل ، أمرين ممكنين غير مستغنيين عن الواجب في آن من الآنات.
وفي هذه النظرية جمال التوحيد الأفعالي منزّها عن الجبر. كما أن فيها محاسن العدل منزّها عن مغبة الشرك والثنوية ، يدرك ذلك كل من أمعن النظر. وينطبق عليها قول الإمام أمير المؤمنين (عليهالسلام) : «اليمين والشمال مضلّة ، والطريق الوسطى هي الجادّة عليها باقي الكتاب وآثار النبوّة» (١).
هذا إجمال النظرية حسب ما تسوق إليه البراهين الفلسفية ، ولكن رفع الستار عن وجهها يحتاج إلى تمثيل يحقق واقعية النظرية بشكل محسوس. وما ذكروا من الأمثلة يختلف حسب إدراك الممثل حقيقة هذه النظرية وإليك بعضها.
أ ـ الله فاعل بالتسبيب والعبد بالمباشرة
إنّ كثيرا من محققي الإمامية صوّروا هذه النظرية بما يوجبه هذا العنوان فجعلوا نسبة الفعل إلى الله نسبة تسبيبية ونسبته إلى العبد نسبة مباشرية بحجة أنّ الله سبحانه وهب الوجود والحياة والعلم والقدرة لعباده ، وجعلها في اختيارهم. وأنّ العبد هو الذي يصرف الموهوب في أي مورد شاء ، فينسب الفعل إليه سبحانه لأجل كونه معطي المبادي ومفيض الوجود والقدرة ، وإلى العبد لأنه الذي يصرفها في أي مورد شاء. والمثال الذي يبين حقيقة النظريات الثلاث في هذا المجال هو ما ذكره المحقق الخوئي في تعاليقه القيّمة على أجود التقريرات ، ومحاضراته الملقاة على تلاميذه وإليك خلاصة البيان ، قال :
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٦.