معالم الخير والصلاح ، وما ورد في الذكر الحكيم من الآيات الحاثّة على التعقل والتفكر والتدبر خير دليل على وجود هذه الهداية العامة في أفراد الإنسان وإنّ كان قسم منه لا يستضيء بنور العقل ولا يهتدي بالتّفكّر والتّدبّر.
ب ـ الهداية العامّة التّشريعية : إذا كانت الهداية التكوينية العامة أمرا نابعا من ذات الشيء بما أودع الله فيه من أجهزة تسوقه إلى الخير والكمال ، فالهداية التشريعية العامة عبارة عن الهداية الشاملة للموجود العاقل المدرك ، المفاضة عليه بتوسط عوامل خارجة عن ذاته ، وذلك كالأنبياء والرسل والكتب السماوية وأوصياء الرسل وخلفائهم والعلماء والمصلحين وغير ذلك من أدوات الهداية التشريعية العامة التي تعمّ جميع المكلفين. قال سبحانه : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) (١).
وقال سبحانه : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)(٢).
وقال سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(٣).
وقال سبحانه : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٤). وأهل الذكر في المجتمع اليهودي هم الأحبار ، والمجتمع المسيحي هم الرهبان.
إلى غير ذلك من الآيات الواردة في القرآن الكريم التي تشير إلى أنّه سبحانه هدى الإنسان ببعث الرسل ، وإنزال الكتب ، ودعوته إلى إطاعة أولي الأمر والرجوع إلى أهل الذكر.
__________________
(١) سورة فاطر : الآية ٢٤.
(٢) سورة الحديد : الآية ٢٥.
(٣) سورة النساء : الآية ٥٩.
(٤) سورة الأنبياء : الآية ٧.