التوحيد في الخالقية
(٤)
لا خالق سوى الله
دلّت البراهين العقلية على أنّه ليس في الكون خالق أصيل إلا الله سبحانه ، وأنّ الموجودات الإمكانية وما يتبعها من الأفعال والآثار ، حتى الإنسان وما يصدر منه ، مخلوقات لله سبحانه بلا مجاز ولا شائبة عناية ، غاية الأمر أنّ ما في الكون مخلوق له إمّا بالمباشرة أو بالتسبيب.
وذلك لما عرفت من أنّه سبحانه هو الواجب الغني ، وغيره ممكن بالذات ولا يعقل أن يكون الممكن غنيا في فعله وذاته عن الواجب ، فكما أنّ ذاته قائمة بالله سبحانه ، فهكذا فعله. والحاجة في الذات إلى الواجب آية الحاجة في الفعل أيضا. ومن عرف الممكن حق المعرفة وانه الفقير الفاقد لكل شيء ، والواجد ـ في ظل خالقه ـ فعله وأثره ، لا يشك في استناد الأفعال والآثار إلى الله سبحانه ، وهذا ما يعبر عنه بالتوحيد في الخالقية وأنّ هنا خالقا واحدا أصيلا وهو الله سبحانه وأمّا غيره فبين غير خالق لشيء إلى خالق بإذنه ومشيئته وإقداره سبحانه.
هذا ما لدى العقل ، وأما النّقل فقد تضافرت النصوص القرآنية على أنّ الله سبحانه هو الخالق ، ولا خالق سواه (وسيوافيك أنّ المراد هو حصر