١ ـ يقول سبحانه : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) (١). فينسب توفي الأنفس إلى نفسه ، بينما نجده سبحانه ينسه إلى رسله وملائكته ويقول : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) (٢).
ولا يجد الإنسان العارف بالقرآن أي اختلاف في النسبة.
٢ ـ إنّ الذكر الحكيم يصفه سبحانه أنه الكاتب لأعمال عباده ويقول : (وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ) (٣). ولكن في الوقت نفسه ينسب الكتابة إلى رسله ويقول : (بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) (٤).
٣ ـ إنّه سبحانه ينسب تزيين عمل الكافرين إلى نفسه ويقول : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ) (٥). وفي الوقت نفسه ينسبها إلى الشيطان ويقول : (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ) (٦).
وفي آية أخرى ينسبها إلى قرنائهم ويقول : (وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) (٧) ولا تصح هذه النسب المختلفة ظاهرا إلا بالقول بأنّ الكون مبني على النظام السببي والمسبّبي وسببية كل شيء بتسبيب منه سبحانه وينتهي الكل إليه فالفعل مع أنه فعل السبب فعل المسبّب بالكسر أيضا.
٤ ـ لا شك أنّ التدبير كالخلقة منحصر في الله سبحانه (كما سيوافيك بيانه في القسم الآتي من التوحيد) حتى لو سئل بعض المشركين عن المدبّر
__________________
(١) سورة الزمر : الآية ٤٢.
(٢) سورة الأنعام : الآية ٦١.
(٣) سورة النساء : الآية ٨١.
(٤) سورة الزخرف : الآية ٨٠.
(٥) سورة النمل : الآية ٤.
(٦) سورة الأنفال : الآية ٤٨.
(٧) سورة فصلت : الآية ٢٥.