التوحيد في الحاكمية
(٦)
انحصار حق الحاكمية في الله سبحانه
إنّ التوحيد في الحاكمية من شئون التوحيد في الربوبية فإنّ الربّ بما أنّه صاحب المربوب ومالكه ، وبعبارة ثانية خالقه وموجده من العدم ، له حق التصرف والتسلط على النفوس والأموال وإيجاد الحدود في تصرفاته. وهذا يحتاج إلى ولاية بالنسبة إلى المسلّط عليه ، ولو لا ذلك لعدّ التصرف تصرفا عدوانيا. وبما أنّ جميع الناس أمام الله سواسية ، والكل مخلوق ومحتاج إليه لا يملك شيئا حتى وجوده وفعله وفكره ، فلا ولاية لأحد على أحد بالذات والأصالة ، بل الولاية لله المالك الحقيقي للإنسان والكون والواهب له وجوده وحياته كما يقول سبحانه : (هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً) (١).
والاستدلال بهذه الآية على انحصار الولاية في الله سبحانه مبني على أن يكون اسم الإشارة «هنالك» إشارة إلى الوقت الذي يتنازع فيه الكافر والمؤمن في هذه الدنيا ، وأن تكون الولاية بمعنى تولي الأمور فهو الذي يتولى أمر عباده (٢).
__________________
(١) سورة الكهف : الآية ٤٤.
(٢) لاحظ مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٤٧٢.