التّوحيد في الطّاعة
(٧)
انحصار حق الطّاعة في الله سبحانه
إنّ انحصار حق الطّاعة في الله سبحانه من شئون انحصار الرّبوبية فيه سبحانه. فإنّ الربّ بما هو صاحب الإنسان ومدبر حياته ومخطط مساره ، وخالقه على وجه ، له حق الطاعة كما له حق الحاكمية ، فليس هناك مطاع بالذات إلّا هو فهو الذي يجب أن يطاع ويمتثل أمره ولا يجب إطاعة غيره إلّا إذا كان بإذنه وأمره.
وبعبارة أخرى ، إنّ المالك للوجود بأسره وربّ الكون الذي منه وإليه الإنسان يجب أن يطاع دون سواه. والمراد من الطاعة هو أن نضع ما وهبنا من الآلاء ، حتى وجودنا وإرادتنا ، في الموضع الذي يرضاه. والمروق من هذه الطّاعة عدوان على المولى وظلم له ، الذي يقبحه العقل.
وأمّا غيره تعالى ، فبما أنّه لا دخل له في وجود الإنسان وحياته ونعمه وآلائه بل هو أيضا إنسان محتاج مثله ، فلا يتصور له حق الطاعة إلّا إذا أمر المطاع بالذات بإطاعته.
ولأجل ذلك نجد الآيات على صنفين صنف يعرفه سبحانه مطاعا ويقول : (وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (١).
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٢٨٥.