الصفات السلبية
(١)
التوحيد
يحتل التوحيد ، بمراتبه المختلفة ، المكانة العليا في الشرائع السماوية ، فإنّ أتباعها لا يختلفون في الصفات الثبوتية الذاتية اختلافا بارزا يفرّقهم ويبددهم إلى مذاهب وطوائف ، فإنّ الكل يعتقد بعلم الإله وقدرته وحياته إلى غير ذلك من الصفات الكمالية ، وإن اختلفوا في تفاصيلها ، وأما الصفات السلبية التنزيهية فهي ، بتمام معنى الكلمة ، مفترق الطرق ، منها تتكون المذاهب وتتشعب.
وهذه هي الديانات البراهمانيّة والبوذيّة والهندية والمجوسية والمسيحية ترجع أصول اختلافها إلى مسألة التوحيد بشعبه التي ستقف عليها ، فليست الثنوية إلّا وليدة رفض التوحيد عن معترك العقائد والاعتقاد بإله غير واحد.
ولأجل ذلك يجب على الإلهي التركيز على الصفات السلبية أكثر من الثبوتية ، وبين الصفات السلبية التركيز على التوحيد أكثر من غيره. ولأجل ذلك نرى أنّه سبحانه يعرف هدف بعثة الأنبياء وإرسالهم ، بالتركيز على صورة من صور التوحيد وهو التوحيد في العبادة : قال سبحانه : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (١).
__________________
(١) سورة النحل : الآية ٣٦.