طرق إثبات النبوّة (٢) |
|
تنصيص النبي السابق على نبوة اللاحق
إذا ثبتت نبوة نبي بدلائل مفيدة للعلم بنبوته ، ثم نصّ هذا النبي على نبوة نبي لاحق يأتي من بعده ، كان ذلك حجة قطعية على نبوة اللاحق ، لا تقل في دلالتها عن المعجزة .
وذلك لأنّ النبي الأول ، إذا ثبتت نبوته ، يثبت كونه معصوماً عن الخطأ والزلل ، لا يكذب ولا يسهو ، فإذا قال ـ والحال هذه ـ : سيأتي بعدي نبي اسمه كذا ، وأوصافه كذا وكذا ، ثم ادّعى النبوّة بعده شخص يحمل عين تلك الأوصاف والسمات ، يحصل القطع بنبوته .
ولا بدّ أن يكون الإستدلال بعد كون التنصيص واصلاً من طريق قطعي ، وكون الأمارات والسمات واضحة ، منطبقة تمام الإنطباق على النبي اللاحق ، وإلا يكون الدليل عقيماً غير منتج .
ومن هذا الباب تنصيص المسيح على نبوة النبي الخاتم صلى الله عليه وآله ، كما يحكيه سبحانه بقوله : ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) (١) .
__________________
(١) سورة الصف : الآية ٦ .