ويظهر من الذكر الحكيم أنّ السلف من الأنبياء وصفوا النبي الأكرم بشكل واضح ، وأنّ أهل الكتاب كانوا يعرفون النبي كمعرفتهم لأبنائهم . قال سبحانه : ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ، وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (١) .
بناءً على رجوع الضمير إلى النبي ، المعلوم من القرائن ، لا إلى الكتاب .
وقال سبحانه : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ ، يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ ) (٢) .
وقد آمن كثير من اليهود والنصارى بنبوة النبي الخاتم في حياته وبعد مماته ، لصراحة التباشير الواردة في العهدين .
هذا ، وإنّ الإعتماد على هذا الطريق في مجال نبوة النبي الخاتم ، في عصرنا هذا ، يتوقف على جمع البشائر الواردة في العهدين وضمّها إلى بعضها ، حتى يخرج الإنسان بنتيجة قطعية على أنّ المراد من النبي المُبَشِّر به فيهما هو النبي الخاتم : وقد قام بهذا المجهود لفيف من العلماء وأَلَّفوا فيه كتباً (٣) ، وسيوافيك بحثه في النبوّة الخاصّة ، بإذنه تعالى .
* * *
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ١٤٦ .
(٢) سورة الأعراف : الآية ١٥٧ .
(٣) لاحظ منها كتاب « أنيس الأعلام » ، ومؤلفه كان قسيساً محيطاً بالعهدين وغيرهما وقد تشرّف بالإسلام ، وألف كتباً كثيرة ، منها ذاك الكتاب وقد طبع في ستة أجزاء .