مباحث النبوّة العامة ( البحث الثالث ) |
|
الوحي وأقسامه
إنّ تحديد حقيقة الوحي ، وتبيين ماهيته والفرق بينه وبين سائر الإدراكات البشرية ، من المواضيع الحساسة في أبحاث النبوة العامة التي لم يستوف حقها في الكتب الكلامية ، فأُهمل في الكثير منها ، وبحث في الأخرى على وجه الإجمال . هذا مع أنّه أساس النبوات والتكاليف والشرائع ، لأنّ الأنبياء يتلقون التعاليم السماوية من هذا الطريق ، ولولاه لانقطعت أخبار السماء (١) ، وصلة الأنبياء بالله سبحانه .
ولكن لأجل اختصاص الوحي بالأنبياء ، وحرمان غيرهم من الناس منه ، يصعب تحديده وبيان كيفيته ، ويُعَدُّ كشف الستر عن حقيقته ، تطلّعا إلى شيء ليس في اختيار الباحث ، ومع ذلك كلّه ، فإلقاء الضوء عليه بوجه إجمالي ، ممكنٌ ببيان الأُمور التالية :
قال ابن فارس في المقاييس : « الوحي أصلٌ يدلّ على إلقاء علمٍ في إخفاء
__________________
(١) هذا اقتباس من قول الإمام علي عليه السلام وهو يلي غسل رسول الله صلى الله عليه وآله وتجهيزه : « بأبي أنت وأُمي يا رسول الله ، لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك ، من النبوة والإنباء وأخبار السماء ( نهج البلاغة ، الخطبة ٢٣٥ ) .