هذا في اصطلاح أهل اللُّغة .
وفي اصطلاح المتكلِّمين : « العصمة قوة تمنع الإنسان عن اقتراف المعصية ، والوقوع في الخطأ » (١) .
وربما تُعَرّف أيضاً بأنّها : « لطف يفعله الله في المكلف بحيث لا يكون له مع ذلك داعٍ إلى ترك الطاعة ، ولا إلى فعل المعصية ، مع قدرته على ذلك » (٢) .
ومن العجب تفسير الأشاعرة العصمة بأنّها عبارة عن أنّه سبحانه لا يخلق في المعصومين ذنباً (٣) . فإنّه تعريف واهٍ سخيف على الأُصول التي سلكناها من أنّ فاعل الذنب وموجده هو العبد مباشرة ، بقوة منه سبحانه . نعم هو صحيح على أصولهم القائمة على إنكار السببية والعلّية بين الأشياء .
وفيما ذكرناه من التعاريف كفاية في المقام ، وإنّما المهم بيان حقيقة العصمة بنحو يرفع الغموض عنها ، وهو يحصل ببيان الوجوه التالية :
إنّ التقوى في العاديين من الناس ، كيفية نفسانية تعصم صاحبها عن اقتراف كثير من القبائح والمعاصي ، ولأجل ذلك نرى البون الشاسع بينهم وبين المجرمين ، المليئة حياتهم بالجرائم وقبائح الأعمال ، بينما حياة المتقين خلو منها إلّا ما شذّ .
فإذا كان هذا أثر التقوى العمومية ، فما بالك بالتقوى ، إذا ترقت في مدارجها وعَلَت في مراتبها ، إنّها حينذاك تبلغ بصاحبها درجة العصمة الكاملة ، والإمتناع المطلق عن ارتكاب أي قبيح من الأعمال ، أو ذميم من الأفعال ، بل يمتنع معها حتى عن التفكير في خلاف أو معصية .
__________________
(١) الميزان ، ج ٨ ، ص ١٤٢ .
(٢) إرشاد الطالبيين إلى نهج المسترشدين ، ص ٣١٠ .
(٣) إبطال نهج الباطل ، للفضل بن روزبهان ، على ما في ذيل دلائل الصدق ، ج ١ ، ص ٣٧٠ .