منه في خبر ذي اليدين إلى غير ذلك » (١) .
أقول : نظر القاضي في الإستثناء هو أنّ النبي لا يسهو في التبليغ ، ولكن يعرض له السهو في عالم التطبيق . وقد نسبوا إليه السهو في الصلاة حيث سلّم في الركعة الثانية ، فاعترض عليه ذو اليدين : « أَقَصَرْتَ الصلاة أم نسيت » ، وسيوافيك الحال في هذا الإستثناء عند البحث في المرحلة الثالثة .
ثم إنّا نقول : إنّ العصمة في مرحلة تبليغ الرسالة على وجهين :
أ ـ العصمة عن الكذب ، وهو داخل في العصمة عن المعصية ، التي تقدم البرهان عليها .
ب ـ العصمة عن الخطأ سهواً في تلقّي الوحي وتحمّله ( وعيه ) وأدائه ، وهذا هو الذي نركز البحث عليه .
إنّ الدليل الأول ، أعني كون حصول الوثوق مرهوناً بالعصمة ، كما يُثبت عصمة الأنبياء عن المعصية ، فكذلك يُثبت عصمتهم في هذا المجال . ولأجل ذلك اكتفى به المحقق الطوسي في إثبات العصمة على الإطلاق ، إِنْ في مقام الفعل والعمل ، أو في مقام التبليغ والرسالة .
توضيح ذلك : إنّ الهدف الأسمى من بعث الأنبياء ، هو هداية الناس إلى التعاليم الإلهية التي ترشدهم إلى طريق السعادة ، ولا تحصل هذه الغاية إلّا بإيمان الناس بصدق المبعوثين وإذعانهم بكونهم مرسلين من جانبه سبحانه وأَنّ كلامهم وأقوالهم ، كلامه وقوله سبحانه . وهذا الإذعان لا يحصل إلّا بعد إذعان آخر ، وهو اعتقاد مصونيتهم عن الخطأ في المراحل الثلاث من مراحل تبليغ الرسالة ، أعني : التلقّي ، والتحمّل ، والأداء .
إنّ في الذكر الحكيم آياتٍ تدلّ على مصونية النبي الأعظم في مجال تبليغ
__________________
(١) المغنى ، ج ١ ، ص ٢٨١ .