خصوص ما يحكيه عن الله سبحانه . وعلى كلا التقديرين فهي تدلّ على صيانته وعصمته في مجال تبليغ الرسالة : تلقّي الوحي ووعيه وإبلاغه .
* الآية الثالثة ـ قال تعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ ، فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا * لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ) (١) .
وموضع الدلالة من الآية :
أ ـ قوله : ( مِن بَيْنِ يَدَيْهِ ﴾ .
ب ـ قوله : ( مِنْ خَلْفِهِ ﴾ .
ج ـ قوله : ( أَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ ﴾ .
فبالإمعان في هذه النقاط الثلاث ، يظهر أنّ مشيئة الله تعالى الحكيمة ، تعلّقت على حفظ الوحي من لدن أخذه إلى زمن تبليغه ، وإليك توضيح الدلالة بتوضيح مفردات الآية .
١ ـ قوله : ( فَلَا يُظْهِرُ ﴾ . الإظهار من باب الإفعال بمعنى الإعلان ، كما في قوله سبحانه : ( وَأَظْهَرَهُ اللَّـهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ . . . ) (٢) .
٢ ـ لفظ « مِنْ » في قوله : ( مِن رَّسُولٍ ﴾ ، بيانية . تبيّن المَرْضيَّ عند الله . فالرسول هو الذي ارتضاه الله تعالى واختاره ليُعَرِّفه على الغيب .
٣ ـ الضمير في قوله : ( فَإِنَّهُ يَسْلُكُ ﴾ ، يرجع إلى الله تعالى . كما أنّ الضمير المستتر في قوله : ( يَسْلُكُ ﴾ ، يرجع إليه سبحانه أيضاً . و « يسلك » بمعنى يجعل .
__________________
(١) سورة الجن : الآيات ٢٦ ـ ٢٨ .
(٢) سورة التحريم : الآية ٣ .