المرتبة الثالثة للعصمة
العصمة عن الخطأ في تطبيق الشريعة والأمور العادية
إنّ صيانة النبي عن الخطأ والإشتباه في مجال تطبيق الشريعة والأمور العادية الفردية المرتبطة بحياته الشخصية ، ممّا طرح في علم الكلام ، وطال البحث فيه بين المتكلمين . والخطأ في تطبيق الشريعة ، مثل أنْ يسهو في صلاته ، أو يغلط في إجراء الحدود . والخطأ في الأمور العادية مثل خطئه في مقدار دَيْنه للناس ، كما لو اقترض ديناراً وظنّ أنّه ديناران أو نصفُ دينار .
والحقُّ في هذه المسألة واضح غايتَه ، ذلك أنّ الدليل العقلي الدالّ على لزوم عصمة النبي في مجال تلقّي الوحي وتحمّله وأدائه إلى الناس ، دالٌّ ـ بعينه ـ على عصمته عن الخطأ في تطبيق الشريعة وأُموره الفردية ، حرفاً بحرف . ولكن زيادة في البيان ، نقول :
إنّ الغاية المتوخاة من بعث الأنبياء
هي هداية الناس إلى السعادة . ولا تحصل هذه الغاية إلّا بكسب اعتمادهم وثقتهم المطلقة بصحة ما يقوله الأنبياء ويحكونه عن الله تعالى . ولكن ما قولك فيما لو شاهد الناس نبيَّهم يسهو في تطبيق الشريعة التي أمرهم بها ، أو يغلط في أُموره الفردية والاجتماعية ؟ . هل من رَيْبٍ
في أنّ الشّكّ سيجد طريقاً رحبة للتسرب إلى أذهان الناس في ما يدخل في مجال الوحي والرسالة ؟ بل لن يبقى شيء ممّا جاء به هذا النبي إلّا وتَطْرُقُهُ علامات الإستفهام ، ولسان حال الناس يقول : « هل ما يحكيه عن الله تعالى من