مصونة عن الخطأ والإشتباه حتى تكون منزهة عمّا يترتب عليهما من القبيح .
وهذه الآيات ، وإن كانت لا تثبت إلّا مصونيّته فيما يرتبط بالشهادة ، ولكن التفصيل غير موجود في كلمات القوم .
تبيّن إلى هنا أنّ الأنبياء ـ بحكم العقل والكتاب ـ مصونون عن الخطأ ، والزلل في تطبيق الشريعة أوّلاً ، وجميع أُمورهم الفردية والإجتماعية ثانياً .
* * *
جوّز جماعة من المتكلمين الخطأ والإشتباه على الأنبياء ، واستندوا في ذلك إلى آيات ، غفلوا عن أهدافها . ونحن نذكرها على وجه نميط الستر عنها .
١ ـ قال سبحانه : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ، وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (١) .
فقد استدلّ بها المخطئة بأنّ الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله ، فالنتيجة أنّ النبي ربما يطرأ عليه النسيان ، وهو لا يجتمع مع المصونية من الخطأ .
إلّا أنّهم غفلوا عن أنّ وزان الآية وزان كثير من الآيات الأُخر التي يخاطب فيها النبي ولكن يكون المقصود من الخطاب أبناء الأُمة .
ومن هذا القبيل ، قوله سبحانه : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (٢) . فإنّ هذه الآية ـ ونظائرها ـ تركّز على الجانب التربوي من الشريعة ، والغاية منها تعريف الناس بوظيفتهم وتكليفهم تجاه الباري سبحانه ، ببيان أنّ نبي الأُمة إذا كان محكوماً بهذه
__________________
(١) سورة الأنعام : الآية ٦٨ .
(٢) سورة الزمر : الآية ٦٥ .