وقد قام بالدعوة في أوائل القرن السابع الميلادي (٦١٠) . وأول ما بدأ به ، دعوة أقربائه وعشيرته ، وقال في دعوتهم : « إنّ الرائد لا يكذب أهله ، والله الذي لا إله إلّا هو إنّي رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامّة ، والله لَتَموتُنَّ كما تنامون ، وَلَتُبْعَثُنَّ كما تستيقظون ، وَلَتُحاسَبُنَّ بما تعملون ، وإنّها الجنة أبداً ، والنار أبداً » . ثم قال : « يا بني عبد المطلب ، إنّي والله ما أعلم شابّاً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله عز وجل ، أن أدعُوَكُم إليه » (١) .
وبعد سنوات من بدء دعوته ـ استطاع في أثنائها هداية جمع من عشيرته ـ وجه دعوته إلى عموم الناس من غير خصوصية بين قبيلته وغيرها ، ووقف على صخرة عند جبل الصفا ، ونادى بصوت عال : « وا صباحاه » ، وهي كلمة كانت العرب تطلقها كلما أحسّت بخطر أو بَلَغها نبأ مرعب ، فكانت هذه الكلمة بمثابة جرس الإنذار بتعميم الدعوة ، فالتفت عندها حوله جموع الناس من أبناء القبائل المختلفة وقالوا له : « ما لك ؟ » .
فقال : « أرأيتكم ، إن أخْبَرْتُكُمْ أَنَّ العدو مصبحكم أو ممسيكم ، ما كنتم تصدقونني ؟ » .
قالوا : « بلى » .
قال : « فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد » .
ثم قال : « إنّما مَثَلي ومَثَلُكُم كَمَثَل رجل رأى العدو انطلق يريد أهله ، فخشي أن يسبقوه إلى أهله ، فجعل يهتف ، وا صباحاه » (٢) .
ثم استمر في رسالته ، يدعو قومه إلى التوحيد ورفض الأصنام ، وأنّ وراء هذه الحياة ، حياة دائمة غير داثرة ، والناس بين مؤمن به مفاد بنفسه ونفيسه ،
__________________
(١) تاريخ الطبري ، ج ٢ ، ص ٦٢ ـ ٦٣ . والكامل ج ٢ ، ص ٤٠ ـ ٤١ .
(٢) السيرة الدحلانية ، بهامش السيرة الحلبية ، ج ١ ، ص ١٩٤ .