عدو ينابذه ويتحين الفرص للفتك به وقتله ، فلما أحسّ بالخطر ، غادر موطنه مكة إلى مدينة يثرب ، فأقام هناك سنين عشرة ، لقي فيها من أهل يثرب عطفاً ومودة والتفافاً حوله ، وإيماناً به وتفانياً دون دعوته بأموالهم وأنفسهم ، فصار ذلك سبباً لنشر دعوته في شبه الجزيرة العربية وخارجها عبر بعث رسله وموفديه ، فكان النجاح حليفه ، إلى أن أجاب داعي الموت تاركاً أُمّة كبيرة مؤمنة ، موحِّدةً ، وشريعة ذات نظم وسنن وطقوس ، وذلك في العام ٦٣٣ ميلادية .
ولم تنكمش دعوته بعد وفاته ، بل سرعان ما انتشرت في أكثر ربوع المعمورة ، بفضل اتقان دينه ، وجهاد معتنقي دعوته .
يمكن تقسيم سمات وعلامات هذه الدعوة إلى قسمين :
أ ـ قِسمٍ جاء في كتابه الذي جعله دليلاً على رسالته وبرهاناً ساطعاً على صدق نبوّته .
ب ـ وقسمٍ يقف عليه المتتبع في حاله وحال دعوته وما تركته من آثار في المجتمعات الإنسانية .
أ ـ سمات دعوته في كتابه المعجز
يعرّفه كتابه بصفات ، ويصف دعوته بسمات عديدة ، منها :
(١) ـ أنّه رسول أُرسل إلى العالمين جميعاً ، من دون فرق بين قوم وآخرين ، وإقليم دون إقليم ، وجيل دون جيل ، بل رسالته موجهة إلى كل من يصدق عليه « يا أيها الناس » ، ويقول :
( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ) (١) .
__________________
(١) سورة الأعراف : الآية ١٥٨ .