وعلى كل تقدير ، لا مفر للإِنسان عن الحياة الإِجتماعية سواء لكونه مدنياً بالطبع أو مستخدماً بالطبع .
إن حاجة المجتمع إلى القانون مما لا يُرتاب فيه ، وذلك لأن الانسان مجبول على حب الذات ، وهذا يجرّه إلى تخصيص كل شيء بنفسه من دون أن يراعي لغيره حقاً . ومن المعلوم أن الحياة الإِجتماعية بهذا الوصف تنتهي إلى التنافس والتشاجر بين أبناء المجتمع ، وتؤدي بالتالي إلى عقم الحياة وتلاشي أركان المجتمع .
فلأجل ذلك لا يقوم للحياة الإِجتماعية أساس إلا بوضع قانون دقيق ومحكم ومتكامل ، يقوم بتحديد وظائف كلِّ فرد وحقوقه ، ويشرِّع الحدود والقيود التي يجب تحرك الجميع من خلالها .
إن وضع قانون ولو للقضايا والمشاكل الجزئية ، يعدّ من أصعب الأُمور في مقام التحقيق ، ولا يقوم به إلا أماثل رجال المجتمع الذين تجتمع فيهم مؤهلات عالية من العلم والخبرة . ولكي تقف على حقيقة ما ذكرنا نضرب مثالا لبعض القضايا :
إنّ مشكلة أزمة السير من أعسر
المشكلات التي تعاني منها المجتمعات المدنية الحديثة ، ويُعَدّ حلُّها من الأُمنيات الكبرى لسكانها والقائمين عليها . فلو قامت مدينة تعاني من هذه الأزمة بتشكيل لجنة مهمتها وضع قانون وضوابط كفيلة بحلّها ، فلا بد أن تتوفر لدى أعضاء هذه اللجنة ، المعرفة والخبرة اللازمين لتحقيق هذه الغاية ، فلا بد أن تكون مطلعة على عدد شوارع المدينة ومقدار سعتها ، وكيفية ارتباطها ، وعدد الوسائط النقلية التي تجوبها ، وكذلك المراكز الاقتصادية والحيوية في المدينة ، ومراكز الكثافة السكانية ، ومراكز