كلام الناس ، ولا على أساليب كلام الكهنة المترجمة للغة الجن والشياطين ، ولا مزيجاً من هذا وذاك .
٢ ـ قوله : « إنّ له لحلاوة » : يريد أنّه شهي جذّاب للنفوس ، جلّاب للميول ، خلّاب للعقول ، ترتاح إليه الأرواح .
٣ ـ قوله : « وإنّ عليه لطلاوة » ، أي إنّه محلّى بألفاظ جميلة وأنغام مقبولة .
٤ ـ قوله : « إنّ أعلاه لمثمر وأسفله لمغدق » ، يريد أنّ القرآن كشجرة كبيرة ، غصونها زاخرة بالثمار وجذورها مستحكمة واسعة الإنتشار في أعماق الأرض (١)
حين أسلم حمزة بن عبد المطلب ، ورأت قريش أصحاب رسول الله يزيدون ويكثرون ، قام عُتبة بن ربيعة يوماً في نادي قريش ، ورسول الله حينها جالس في المسجد وحده ، وقال : « يا معشر قريش ، ألا أقوم إلى محمد فأُكلّمه ، وأعرض عليه أُموراً ، لعلّه يقبل بعضها ، فنعطيه أيها شاء ، ويكفّ عنّا ؟ » .
فقالوا : « بلى يا أبا الوليد ، قم إليه فكلّمه » .
فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله ، فقال : « يابن أخي ، إنّك منّا حيث علمت ، من السّطّة (٢) في العشيرة ، والمكان في النسب ، وإنّك قد أتيت قومك بأمر عظيم ، فَرَّقْتَ به جماعتهم ، وسَفَّهْتَ به أَحلامهم ، وعِبْتَ به آلهتهم ودينهم ، وكفّرت به من مضى من آبائهم ، فاسمع مني أعرض عليك أُموراً تنظر فيها لعلّك تقبل منها بعضها » .
فقال له رسول الله : « قل يا أبا الوليد ، أَسْمَعْ » . فاقترح عليه أُموراً (٣)
__________________
(١) يقال غدق المطر ، إذا كثر قطره . وأغدقت الأرض ، إذا أخصبت . وأغدق العيش ، إذا اتّسع . وفي بعض المنقولات : « مُعْذِق » بالذال .
(٢) السّطّة : الشرف .
(٣) منها أن يتنازل عن دعوته فتتخذه العرب ملكاً ، وتجمع إليه أموالٌ طائلة ، وغير ذلك .