المواقف العامة للسيارات ، ومقدار سعتها وضيقها ، وكذلك الوعي الثقافي لدى الناس الداعي إلى رعاية النظم والتخطيطات ، والتعرف ايضاً على خبرات السابقين والمخططات التي طبّقت في المدن الاخرى . . . . . . . الى غير ذلك من الشروط اللازمة لوضع قانون وخطة وافية بحل الإِزمة . والجهل بواحد منها فضلا عن جميعها ، موجب للفشل وعدم نجاح القانون .
فإذا كان هذا الموضوع الجزئي بحاجة إلى علم وخبروية بهذا الحد حتى يُجْعَلَ له قانون كافل لحل أزمته ، فكيف يجعل القانون للمجتمعات البشرية المنتشرة في أصقاع الأرض ، والتي تتباين من حيث الظروف الجغرافية والعادات والتقاليد ، يكون متناوِلاً لجميع جوانب الحياة ؟!
لا ريب أن جعل قانون كهذا يحتاج إلى توفّر شروط وشروط ، تخرج قطعاً عن طاقة الإِنسان مهما ترقّى في درجات العلم . واليك ثلاثة من أُمهات تلك الشروط .
إنّ أول وأهم خطوة في وضع القانون ، معرفة المقنِّن بالمورد الذي يضع له القانون ، كما أشرنا إليه في المثال المتقدم . وعلى ضوء هذا ، لا بد أن يكون المقنّن عارفا بالإنسان : جسمِهِ وروحِهِ ، غرائزه وفطرياته ، وما يصلح لهذه الامور أو يضُر بها ، وكلما تكاملت هذه المعرفة بالإِنسان ، كلما كان القانون ناجحاً وناجعاً في علاج مشاكله وإبلاغه إلى السعادة المتوخاة من خلقه ووجوده في هذا الكون .
ومَثَلُ المقنِّن في هذا المقام ، مَثَلُ الطبيب ، كلما كانت معلوماتهُ حول المريض ، جسمِهِ وروحِهِ وظروفِهِ المحيطةِ به ، كاملةً ، كلما كانت الوصفة مفيدةً وناجعة في قَلْعِ المرض .
وهناك وجهة أُخرى لاقتضاء طبيعة
التقنين ، المعرفة الكاملة بالانسان ، وهي أن الانسان خُلِقَ مع غرائز جامحة لا تعرف لإِرضائها قاعدة ولا حدّاً . ومن