وشهد الشهادتين ، ثم قام وأخذ بيد مُصعب وقال : « أَظْهِر أَمرَكَ ولا تهابَنَّ أَحداً » .
* * *
ولما كان للقرآن تأثيره العجيب في نفوس الشباب ، إحتالت قريش في اللَّبس على الناس باللجوء إلى جملة من الأعمال الوقائية ، لِتَصُدَّ تأثير القرآن في النفوس المتهيئة لقبول الحق ، تعرّض لها التاريخ والسير النبوية ، أهمها :
١ ـ منع الناس ، وخاصةً الشخصيات والوجهاء ، من سماع القرآن ومقابلة الرسول .
٢ ـ عزو القرآن إلى السحر .
٣ ـ دعوة القصاصين لسرد أخبار الأُمم .
وكلُّ ذلك يدلّ على أنّ القرآن كان كلاماً ممتازاً فائقاً كلام البشر ، له تأثير فريد في النفوس بحيث يجذب إليه الناس بمجرّد سماعهم ، بلا اختيار . وفيما يلي بيان هذه الأعمال :
يحكي لنا القرآن أنّ المشركين تواصوا بترك سماع القرآن والإلغاء عند قراءته في قوله : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَـٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ (١) . أي عارضوه باللّغو بما لا يُعْتَدُّ به من الكلام ، حتى لا يصل كلامه إلى أسماع الآخرين .
ومع ذلك كله فأولئك الذين كانوا مبدءاً لردع الشباب عن سماع القرآن ، قد نقضوا عهدهم ، لشدّة التذاذهم من سماعه .
__________________
(١) سورة فصلت : الآية ٢٦ .