دعائم إعجاز القرآن (١) |
|
الفَصَاحَةُ : جمال اللفظ وأناقَة الظاهر
اعتمد علماء المعاني والبيان في تعريف فن الفصاحة على أمور ، وقد عرفت في المقدمة السابقة ـ نصوصهم على تلك الأمور .
لكن المهم في الفصاحة ، كون الكلمة عذبة مألوفة الإستعمال ، جامعة لنعوت الجودة وصفات الجمال ، كما أنّ المهم في فصاحة الكلام تلاؤم الكلمات في الجمل ، فإنّ التلاؤم يوجب حسن الكلام في السمع ، وسهولته في اللفظ ، وتقبل النفس معناه بوجه مطبوع ، لما يرد عليها المعنى بصورة حسنة ودلالة واضحة .
وأمّا غير العذوبة والتلاؤم من الشرائط فهو في الدرجة الثانية من تحقيق معنى الفصاحة ، وقد عرفت عدم اعتبار البعض ـ كمخالفة القياس في فصاحة المفرد ، وضعف التأليف بمعنى كونه على خلاف القانون النحوي المشتهر ـ في الفصاحة القرآنية ، لأنّ القرآن هو المقياس لهما .
والذوق السليم هو العُمْدَة في معرفة
حسن الكلمات وسلاستها وتمييز ما فيها من وجوه البشاعة ومظاهر الإستكراه . لأنّ الألفاظ أصوات ، فالذي يطرب لصوت البلبل ، وينفر من أصوات البوم والغربان ، ينبو سمعه عن الكلمة إذا كانت غريبة متنافرة الحروف . ألا ترى أنّ كلمتي « المُزنة » ، و « الديمة »
للسحابة الممطرة ، كلتاهما سهلة عذبة ، يسكن إليهما السمع بخلاف كلمة « البعاق » التي في معناهما ، فإنّها قبيحة ، تصكّ الآذان . وأمثال ذلك كثير في مفردات اللغة ،