أدلة لزوم البعثة (٢) |
|
حاجة المجتمع الى المعرفة
كل انسان عاقل إذا جال ببصره فيما يحيطه من أرض وسماءٍ ، يقف على أن الكون لم يخلق عبثاً ، بل له غاية وهدف تتفاعل كل أجزائه في سبيله .
وليس معنى كونه ذا غاية أن الفاعل قام بإيجاده لسد حاجته كما هو المتعارف في أفعال غيره سبحانه ، بل المراد أن الفعل ليس فعلاً عبثيّاً فاقداً للغاية ، التي ترجع إلى غيره ، فكون الفاعل ذا غرض يفارق كون الفعل ذا غاية ، والمنفي عن ساحته سبحانه هو الأول دون الثاني ـ وقد أوضحنا حاله في الجزء الأول فلاحظ . (١)
إن النظام السائد على العالم ، والإِنسجام الموجود بين أجزائه يعرب عن أن الهدف من إيجاده هو استقرار الحياة في كوكبنا هذا . وهذه الغاية إن لم تكن هي الوحيدة فهي على الأقل ـ إحدى الغايات فكأن سير النجوم والكواكب والشمس والقمر ، ونزول الأمطار والثلوج ، وحركة الرياح والسحب ، وجزر البحار ومدّها ، واخضرار المزارع وتفتح الازهار وو . . . مما لا يعدّ ولا يحصى من الآثار الطبيعية ، كلها لاجل تكوّن الحياة واستقرارها وتهيئة الأرضية الصالحة لتكامل الموجودات الحية .
__________________
(١) الالهيات ، ج ١ ، ص ٢٦٣ ـ ٢٧١ .