دعائم إعجاز القرآن (٤) |
|
الأسلوب : بِداعة المنهج وغرابة السبك
الأساليب السائدة في كلام العرب عصر نزول القرآن ، كانت تتردد بين أسلوب المحاورة ، وأسلوب الخطابة ، وأسلوب الشعر ، وأسلوب السجع المتكلف الموجود في كلام العرّافين والكُهّان .
فالأسلوب المحاوري ، هو الأسلوب المتداول في المكالمات اليومية في رفع الحوائج ، وتيسير الأمور المعيشية . وهذا الأسلوب دارج في كل لغة ، ولم يكن في العرب بدعاً منهم ، فلم يكن كلامهم عند البيع والشراء ، والمعاشرة مثل كلامهم في مقام الخطابة ، وإظهار المناقب والفضائل .
والأسلوب الخطابي ، هو الأسلوب الرائج بين خطَباء العرب وبُلغائهم . ويكفينا مؤنة بيانه ، التأمل في النموذجين التاليين لأشهر خطباء الجاهلية .
١ ـ وقف قس بن ساعدة في سوق عُكاظ ، وخطب : « أيّها الناس اسمعوا وعوا ، من عاش مات ، ومن مات فات ، وكل ما هو آت آت . ليل داج ، ونهار ساج ، وسماء ذات أبراج ، ونجوم تزهر ، وبحار تَزْخر ، وجبال مُرْساة ، وأرض مُدْحاة ، وأنهار مُجراة ، إنّ في السماء لخبرا ، وإنّ في الأرض لعبرا ، ما بال الناس يذهبون ولا يرجعون ، أَرَضوا فأَقاموا ، أم تُرِكوا فناموا ؟ (١) .
__________________
(١) صبح الأعشى ، ج ١ ، ص ٢١٢ . وإعجاز القرآن ، ص ١٢٤
. البيان والتبيين ، ج ١ ،