التنبيه الثاني
مزايا القُرآن البيانية
قد تعرفت على الدعائم الأربع المحقِّقة لإعجاز القرآن ، وكفى بذلك عظمة لهذا الكتاب . غير أنّ لهذه المعجزة الخالدة مزايا أخرى يناسب ذكرها هنا ، وترجع جميعها إلى المزية البيانية التي نحن بصدد بيانها . وحيث إنّه لا يسع المقام الإتيان بجميع ما ذكره المحققون ، فنأتي ببعضه ، الذي يتجلى معه هذا الكتاب السماوي بمزاياه البيانية المنفردة .
إنّ الصراحة إحدى الميزات التي يتصف بها القرآن الكريم ، وتظهر بوضوح في آياته . فمن ذلك صراحته في التنديد بالوثنية ، والطعن في الأصنام المعبودة يومذاك ، ودعوته إلى تحطيمها .
يقول سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ، وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ، ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ) (١) .
إنّ الصراحة وليدة الشجاعة المختمرة بالإيمان ، في حين أنّ السكوت عن
__________________
(١) سورة الحج : الآية ٧٣ .