أمراً ممكناً لقام هؤلاء بهذه المهمة وأراحوا أنفسهم من بذل الأموال الطائلة في طريق الحطّ من كرامة هذا الدين ، والنيل من نبيّه الأعظم وكتابه المقدّس ، ولاحتفلوا بذلك في أنديتهم ومؤتمراتهم العالمية ، وزعزعوا بذلك إيمان المسلمين ، الذي هو أُمنيتهم الكبرى . ومع ذلك ، لا ترى من هذا الأمر عيناً ولا أثراً .
* * *
ثم إنّه قد نقل في مواضع متفرقة من كتب التاريخ ، عبارات وجمل منثورة ، يشبه ـ بحسب الظاهر ـ أُسلوبها أُسلوب القرآن ، زُعم أنّها لأناس ادّعوا النبوّة ، وعارضوا بها القرآن الكريم ، وهذا ما نطرحه على بساط البحث فيما يلي .
* * *
إنّ المؤرخين ذكروا أسماء قوم زعموا أنّهم عارضوا القرآن الكريم ، وأنّ بعضهم ادّعى النبوة ، وجعل ما يلقيه معجزة لكي لا تكون دعواه بلا أداة وبيّنة . ونحن نذكر بعض من ذكرهم التاريخ ، وننقل بعض ما نسب إليهم ، حتى يُعلم أنّ ما سمّوه مُعارضاً للقرآن الكريم ، ليس إلّا كلاماً ساقطاً ، لا يقام له وزن ، بل لا يداني بلاغة كلام الأُدباء المعروفين .
ذكر ابن هشام أنّ مسيلمة بن حبيب قد كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله : « مِنْ مُسَيْلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، سلام عليك . أمّا بعد ، فإنّي قد أُشركت في الأمر معك ، وإن لنا نصف الأرض ، ولقريش نصف الأرض ، ولكن قريشاً قوم يعتدون » .
فلما جاء الكتاب ، كتب رسول الله إلى مسيلمة : « بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذّاب ، السلام على من اتّبع الهُدى . أمّا بعد ، فإنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمُتَّقين » .