الأمر الرابع
الشواهد الدّالة على كونه كتاباً سماوياً
قد تعرفت على الإعجاز البياني للقرآن الكريم وأنّه بفصاحته وبلاغته ونظمه وأُسلوبه ، تحدّى البشر ، وأعجز أرباب النُّهى ، وقادة الكلام والبيان . فمن كان عربياً صميماً ، عارفاً بأساليب الكلام ، واقفاً على خصوصيات اللغة ، لا يتردد في كونه معجزاً . ومن لم يبلغ تلك المرتبة ، أو لم يكن له إلمام بخصوصيات هذه اللغة ، فعليه الرجوع إلى أهل الخبرة والمعرفة ، حتى يقف على كونه معجزاً .
غير أنّ حكمته سبحانه اقتضت أنْ يُتم الحُجَّة على البَشَر أجمعين ، عربيِّهم وعجميِّهم ، وذلك من طريق آخر غير الإعجاز البلاغي ، فحضْهُ سبحانه بقرائن وفيرة موجودة في نفس هذا الكتاب ، وفيمن جاء به . ولو تدارس محايد هذا الكتاب ، مجتنباً كل رأي مسبق ، لوقف على أنّه من الممتنع أن يقوم بتأليف هذا الكتاب إنسان عادي ، ليس له صلة بعالم الغيب ، وهذا ما نبتغيه في هذا المقام ، ذاكرين كلّ شاهد تحت عنوان خاص .
* * *