إبراهيم ، زوجةً له . وحاشا إِبراهيم ، وهو من أكرم أنبياء الله ، أن يرتكب ما لا يرتكبه أدنى الناس . وهو وإِنْ فَعَلَ ذلك طلباً لنجاة نفسه ، لكن أصحاب الغيرة والشهامة من الرجال يضحّون بأنفسهم دون أعراضهم .
ثم من أين علم إِبراهيم أنّه لو عرفها المصريون إِمرأَته يقتلونه ، مع أنّ المستقبل لم يصدِّق ذلك ، وأظْهَرَ فرعون رجلاً موضوعياً ، لا يتجاوز أعراض الناس .
* * *
إنّ لوطاً ، أحد الأنبياء المعاصرين لإبراهيم المقتفين لشريعته ، وكان رجلاً صموداً في مجال النهي عن المنكر ، يقول سبحانه ( إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ * قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ * قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ * رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ * فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ) (١) .
والقرآن يذكر لوطاً في عِداد الأنبياء العظام ويقول : ( وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا ، وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ) (٢) .
وفي آية أخرى يقول : ( وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ ، إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ) (٣) .
فَهَلمّ نرى ما تذكره التوراة في حقّه تقول :
« وصعد لوط من صُوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه ، لأنّه خاف أن يسكن
__________________
(١) سورة الشعراء : الآيات ١٦١ ـ ١٧١ .
(٢) سورة الأنعام : الآية ٨٦ .
(٣) سورة الأنبياء : الآية ٧٤ .