في صوغر ، فسكن في المغارة هو وابنتاه * وقالت البكر للصغيرة أبونا قد شاخ وليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كلِّ الأرض * هَلُمّ نسقي أبانا خمراً ونضطجع معه ، فنحيي من أبينا نسلاً * فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة ، ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها ، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها * وحدث في الغد أَنَّ البكر قالت للصغيرة إِنِّي قد اضطجعت البارحة مع أبي ، نسقيه خمراً الليلة أيضاً فادخلي إِضطجعي معه ، فنحيي من أبينا نسلاً * فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة أيضاً ، وقامت الصغيرة واضطجعت معه ، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها * فحبلت إبنتا لوط من أبيهما * فولدت البكر إبناً ودعت إسمه مُوآب ، وهو أبو الموآبيين إلى اليوم * والصغيرة أيضاً ولدت إبناً ودعت إسمه بَنْ عَمّي ، وهو أَبو بني عَمّون إلى اليوم » (١) .
عجباً والله ، أي منطق هذا ! وما قيمة نبيّ لا يفرّق بين الخمر والماء ، ويسكر إلى حدّ يفعل ما ذكرته مع بنتيه . ولو صحت هذه القصة ، فالموآبيين ، وبني عمّون ، ينتهي نسبهم إلى الفسق والفجور ، أعاذنا الله من الوقيعة في الأنبياء .
وكفى في هذا النصّ دلالة على أنّ القرآن لم يُتّخذ من التوراة ، لأنّه لم يذكر في حقّ بنات نوح سوءاً ، وإنّما ندّد بزوجته ، كما عرفت .
* * *
إنّ يعقوب أحد الأنبياء العظام ، يصفه سبحانه بأنّه كان محسناً ، وصالحاً ، ومصطفى ، وخيِّراً ، وبصيراً ، وقد جعل النبوة في نسله .
يقول سبحانه : ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن
__________________
(١) العهد القديم ، سِفْر التكوين ، الأصحاح التاسع عشر ، الجملات ٣٠ ـ ٣٨ ، ص ٢٩ ، ط دار الكتاب المقدس .