أدلة لزوم البعثة ٣ |
|
هداية الفطريات وتعديل الغرائز
وتقرير هذا الدليل يحتاج إلى تقديم أمرين :
لا تكتمل وتتوازن حياة الإِنسان إلا إذا عاش على مقتضى متطلبات الفطرة ومتوخيات الغرائز ، بل العيش على خلاف هذه المقتضيات يؤدي بالحياة البشرية إِلى الهلاك ، وما مثل هذا إِلا كالسابح في عكس تيار الماء ، لن تكون عاقبته إِلا الإِرهاق وانهيار القوى فيتوقف عن السباحة ويبتلعه الماء .
فحاجة الخلايا إلى الغذاء ، والبدن إلى الراحة والنوم ، حاجة ضرورية لا بد من تلبيتها . كما أن الحاجة إلى اطفاء الشهوة بالزواج حاجة فطرية لا يمكن إهمالها ، وإلا صار الإِنسان موجوداً عصبياً ، وكانت الحياة كالعلقم في فمه .
ومن جملة الفطريات المودعة في وجود
الإِنسان ، والمكتوبة على جبينه بقلم القضاء والخلقة ، والتي تتفجر في أوائل بلوغ الإِنسان عمر الشباب ، معرفةُ الله سبحانه ، والميل إلى الأمور الحسنة ، والإِنزجار عن الأمور السيئة ، ولأجل ذلك لا ترى إنساناً ـ لم يقع تحت تأثير الأهواء وعوامل الانحراف ـ يَعُدُّ
ردّ الامانة قبيحاً ، والخيانة بها كرامة ، كما لا يعد العمل بالعهد أمراً سيئاً ،
ونقضه أمراً حسناً ، وهكذا الكثير من الأمور كالميل إِلى العفة والعدالة والإِنزجار عن