بين الإنسان والحيوان ، وحتى النبات . فجذور الشجرة المشتملة على الشعيرات الدقيقة ، تَشُقُّ طريقها في أعماق التراب لتنمو الشجرة وتبقى حية . وهكذا الكريات الحمراء في الدم ، تلاحق باستمرار الجراثيم والميكروبات الطارئة على البدن وتقتلها لتصون البدن عن الأمراض .
فالإنسان المثالي الذي يتبنّى أيْديولوجية إلهية ، لا مناص له في نشر دعوته وبثّ أفكاره عن السعي وراء هدفه . وهذا ما يعبر عنه القرآن بالجهاد في سبيل الله ، وقد جاءت الكلمة ( الجهاد ) ثمانية وعشرين مرة مع مشتقاتها في الكتاب العزيز ، وهذا يعرب عن أنّ مسألة الجهاد ليس مجرّد مسألة قتل وقتال وسفك دماء وتدمير بيوت ، وإنّما هو سعي في نشر الإيديولوجية الإلهية بأنواع الوسائل الممكنة ، فإذا واجه الداعي ، في طريق نشر دعوته ، مقاومةً من العدو ومنعاً من الطواغيت ، فلا مناص له عندئذٍ من رفع المانع بالجهاد والقتال .
يقول سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) (١) .
٤ ـ إِنّ الميل إلى النظافة والطهارة من الأُمور الفطرية ، وكل إِنسان يَشْمَئِزُّ من القذارة والوساخة . والتشريع القرآني دعا إلى مقتضى الفطرة في هذا المجال فقال سبحانه : ( وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا . . . مَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ) (٢) .
* * *
إنّ الناس قبل ظهور الإسلام كانوا على قسمين :
قسم لا يهمهم إلّا الحظوظ المادية ، كاليهود والمشركين .
__________________
(١) سورة الأنفال : الآية ٢٤ .
(٢) سورة المائدة : الآية ٦ .