مُّنتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ) (١) .
فأخبر عن انهزام الكفار وفرارهم عن ساحة الحرب ، وقد تحقق التنبؤ يوم بدر ، وكانت المقدمات والأسباب الطبيعية على خلاف النتيجة ، حيث إنّ المشركين كانوا تامِّي العِدّة ووافري العَدَد ، ولم يكن عدد المسلمين يتجاوز ثلثَ عدد المشركين ، لكنّه سبحانه حقّق كلمته وصَدَّق نَبَأَ نبيِّه .
قال سبحانه : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) (٢) .
الكوثر هو الخير الكثير ، والمراد هنا ، بقرينة قوله : ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) ، كثرة ذُرِّيتِه ، ويؤيّده أنّ السورة إنّما نزلت ردّاً على من عابه بعدم الأولاد ، فالمعنى أنّه يعطيه نسلاً يَبْقون على مرّ الزمان .
قال الرازي : « فانظر كم قُتل من أهل البيت ، ثم العالَم ممتلىء منهم ، ولم يبق من بني أُمَيَّة أَحد يعبأُ به ، ثم انظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء ، كالباقر ، والصادق ، والكاظم ، والرضا ، والنفس الزكية ، وأمثالهم » (٣) .
هذه نماذج من تنبؤات الذكر الحكيم ، أتينا بها ليقف الباحث على معشار ما ورد فيه من التنبؤات الغيبية (٤) .
هذا وقد عرفت أنّ بعض العلماء ، خصُّوا إعجاز القرآن بإخباره عن الغيب ، غير أنّه غير ظاهر بخصوصه ، لأنّ القرآن يتحدّى حتى بسورة واحدة من سوره الكثيرة ، ومن المعلوم أنّه ليست كلُّ سورة مشتملة على الأخبار الغيبية .
__________________
(١) سورة القمر : الآيتان ٤٤ و ٤٥ .
(٢) سورة الكوثر .
(٣) مفاتيح الغيب ، ج ٨ ، ص ٤٩٨ ، ط مصر .
(٤) ومن أراد استقصاء تنبؤات القرآن فليرجع إلى ما دوّنه الأستاذ دام ظلّه ، في موسوعته « مفاهيم القرآن » ، ج ٣ ، ص ٣٧٧ ـ ٥٣٤ .