اكتشف العالم الإنكليزي نيوتن ( ت ١٦٤٢ ـ م ١٧٢٧ ) ناموس الجاذبية العامة ، وأثبت به وجود جاذبية بين الكواكب والسيارات ، وحتى في باطن الذرّة . وقد كان لاكتشاف هذا القانون في القرن السابع عشر أهمية عظمى ، حتى سمّي ذلك القرن باسم كاشفه .
وحاصل ما كشفه أنّ الأجرام السماوية كلّها متجاذبة فيما بينها ولا يشذّ جرم منها عن هذا الأثر العام ، وأنّه كلما قربت الأجسام من بعضها ، زادت الجاذبية بينها ، وكلما تباعدت قلَّت الجاذبية بينها . وعلى ضوء ذلك ، فلو كان القانون السائد هو قانون الجاذبية فحسب ، للزم صيرورة الكون كله كتلة واحدة ، ولكن هناك قوّة أُخرى مقابلة تحفظ النظام الكوني ، هي قوة طاردة ناتجة عن الفرار من المركز . فالكواكب التي تدور حول الشمس ، تتنازعها قوّتان ، قوة جاذبة إلى الشمس ، وقوة طاردة عنها ، ناتجة من دورانها حولها . وفي ظل تعادل هاتين القوتين ، يأخذ النظام الكوني حالة الإستقرار ، وتقع الأجرام الكبيرة في الفراغ من دون ماسك لها .
هذه خلاصة النظرية ، بلفظها البسيط الواضح . وهي نظرية علمية محقّقة ، هذا .
وبالرجوع إلى آيات الذكر الحكيم والتأمّل فيها ، يظهر أنّ القرآن الكريم ، قد أشار إلى هذا القانون الكوني ، حيث يرى أنّ السموات مرفوعة في الفضاء بلا عمد مرئية ، يقول تعالى : ( اللَّـهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ، ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ، كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ، يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ) (١) .
إنّ الضمير في قوله : ( تَرَوْنَهَا ) ، يرجع إلى ( عَمَدٍ ) لا إلى ( السَّمَاوَاتِ ) ، لقرب الأول وبُعْد الثاني ، والمعنى « الله الذي رفع السموات
__________________
(١) سورة الرعد : الآية ٢ .