ولعلّ قوله سبحانه : ( وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا ) (١) ، إشارة إلى سباحة النجوم في الفضاء .
يقول سبحانه : ( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ) (٢) . والتحديد بقوله : ( لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ) سَبَبُهُ أَنّ حركتيهما محدودتان إلى أَمد معين ، فإذا جاء أمر الله ، ينطوي النظام الكوني ويتبدل . وذلك عندما يخطو العالَم خطوته نحو الكهولة ، وتستوي فيه الحرارة والبرودة . ففي ذلك الظرف تنتهي صفحة الحياة ، ويُطوى كتابها (٣) .
وما ذكرنا لا يخالف ما ثبت من أنّ الشمس مركز للكواكب ، فإنّ استقرارها إستقرار نسبي بالنسبة إلى سائر المجموعة الشمسية ، ولكن هذه المنظومة بعامَّتها متحركة ، في حركة داخل مَجَرَّتها .
* * *
إنّ الهيئة اليونانية كانت تصرّ على سكون الأرض ، ومركزيّتها بمعنىٰ أنّ الشمس وجميع الكواكب والنجوم تدور حولها . وأوّل من خالف هذه النظرية ـ في الغرب ـ وكشف حركة الأرض حول نفسها وحول الشمس ، العالم الپولوني « كوپرنيك » ( ١٤٧٣ ـ ١٥٣٤ م ) . وقد أيّده العالم الايطالي « جاليلو » ( ١٥٥٤ ـ ١٦٢٤ م ) بعد أن صنع لنفسه منظاراً فلكيّاً صغيراً ليشهد به حركة الأرض بالدقّة والحسّ . ولكنّه لقي بسبب تأييده هذا معارضة الكنيسة وملاحقتها حتى حكم عليه بالاعدام بعدما سجن طويلاً . ولأجل ذلك كان العلماء يكتمون اكتشافاتهم خوفاً من الكنيسة الرومية .
__________________
(١) سورة النازعات : الآية ٣ .
(٢) سورة الرعد : الآية ٢ .
(٣) لاحظ برهان حدوث المادة الذي أشرنا إليه في الجزء الأول من هذا الكتاب ، ص ٧٣ ، الطبعة الأولى .