كونِ ملاك الزوجية ، هو وجود الأصناف المتشابهة ، أو التركب من جوهر وعرض ، أو مادة وصورة ، أو كون الشيء ذا ضد .
وكان في وسع هؤلاء المفسّرين ، مكان التفكر فيما ورثوا من العلوم الطبيعية من الأُمم السالفة ، سلوك طريق التجربة والإختبار في المختبرات . ولو سلكوا هذا الطريق لربما كشفوا عن الزوجية الحقيقية في عالم النبات .
لقد توصل أحد علماء النبات ، وهو « لينه » ، إلى تلك الحقيقة ، فأعلن أنّ في كل فصل ونوع من أنواع النباتات ذكراً وأُنثى ، وأنّ إنتاج الأثمار رهن هذه الزوجية ، وقد يستقلّ الزوجان عن بعضهما فيحصل اللقاح بينهما بواسطة الريح أو الحشرات كالنحل ، وقد يجتمعان في نبتة واحدة ، وزهرة واحدة ، كما هو مفصَّل في الكتب العلمية . وكان لإظهار هذه النظرية ردّ فعل من أصحاب الكنائس ، فأصدروا بياناً حكموا فيه بضلالة كُتُبه .
نعم ، كان سكنة المناطق الحارة ملمّين بوجود الزوجية في النخيل ، فأدركوا أنّه إذا لم يُلَقَّح ويُطَعَّم بمادة الذُّكورية ، لا يثمر ، ولكن الحالة العامة لم تتجاوز هذه المعرفة ، حتى اكتشف ذاك الناموس العام .
وأمّا في جانب الزوجية في عامة الموجودات ، فقد توصّل العلم إلى أنّ المادة وجود متكاثف من الذرّات ، وكل ذرّة تشتمل على نواة مكوّنة من جُسَيْمات تحمل شحنات كهربية موجبة تسمى البروتونات ، وجُسَيْمات محايدة لا تحمل شحنات كهربية باسم النيوترونات ، ويدور حولها جُسَيْمات تحمل شحنات كَهْرَبية سالبة تعرب بالإلكترونات وعددها يساوي عدد البروتونات لتتعادل الذرّة كهربياً . فذرّة الأوكسجين ، مثلاً ، في نواتها ثمانية بروتونات يدور حولها ثمانية الكترونات .
وقد عبّر القرآن عن هذين الجزئين الحاملين للشحنتين المختلفتين ، بالزوجية ، حتى لا يقع موقع التكذيب والردّ ، إلى أن يكشف الزمان مغزى الآية ومفادها .
وبذلك يتجلّى إعجاز القرآن ، حيث كشف
عن هاتين الزوجيتين ، قبل