فهذا المقطع من الآية يدلّ على أنّ ظرف الإنشقاق كان في زمن الرسول ، ولأجل ذلك اتَّخذ منه المشركون موقفاً متعنتاً مجادلاً ، وقال قائلهم : « سَحَرَكُمْ إِبن أبي كبشة » (١) . وقد كان المشركون يدعون الرسول الأعظم به ، وأبو كبشة من أجداد النبي من ناحية أُمه .
إنّ إسراء النبي ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، أحد المعاجز العظيمة التي أنعم الله سبحانه بها على نبيه ، وأخبر عنها القرآن حيث قال : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (٢) .
وقد تحقق عبور تلك المسافة الطويلة في زمن قصير ، في ظرف لم يكن يتوفّر فيه شيء ممّا يتوفر الآن من وسائل النقل السريعة ، وهذا هو الوجه في إعجازها .
إنّ القرآن الكريم يثبت هذا الإعجاز ، في سورة أُخرى أيضاً ، ويدعمها بقوة لا تُبقي في النفس شكاً بها ، ويخبر أنّ رحلة النبي تجاوزت المسجد الأقصى ( الوارد في الآية السابقة ) إلى سدرة المنتهى (٣) .
تعرّض القرآن لقضية المباهلة ، في قوله تعالى : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ، فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ، ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّـهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (٤) .
إنّ قصة المباهلة مذكورة في التفاسير (٥) ، ومعجزة النبي ـ وهي حلول
__________________
(١) الدرّ المنثور ، ج ٦ ، ص ١٣٣ ، وقد جمع كلمات الصحابة حول شقّ القمر .
(٢) سورة الأسراء : الآية ١ .
(٣) لاحظ سورة النجم : الآيات ٥ ـ ١٨ .
(٤) سورة آل عمران : الآية ٦١ .
(٥) تقدمت إليها الإشارة في مباحث النبوة العامة .