وأمّا علّة اختلاف الأنبياء في أصناف المعاجز ، فقد قدمنا ذكره في صدر هذا الفصل .
إنّ هناك آيات تصرّح بأنّ المشركين كلما رأوا من الرسول آية ، وصفوها بالسحر . قال سبحانه : ( وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ * وَقَالُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ ) (١) .
إنّ تنكير ( آيَةً ) ، واستعمال ( رَأَوْا ) ، دليلٌ على أنّ المقصود من الآية ، غير القرآن من المعاجز ، وإلّا لكان المناسب تعريف الآية ، ووصفها بالسماع أو النزول .
وهذه الآية نظير قوله سبحانه : ( وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا . . ) (٢) .
يشير القرآن الكريم إلى أنّ النبيَّ الأعظم بُعث مع البينات ، والمراد منها المعاجز ، كما تشهد به الآيات الأُخر .
قال سبحانه : ( كَيْفَ يَهْدِي اللَّـهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ، وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (٣) .
و « البيِّنات » جمع « البيِّنة » ، وهي الدليل على الشيء ، وربما يحتمل أنّ المراد هو القرآن ، أو البشائر الواردة في الكتب النازلة قبله حول النبي ، ولكن
__________________
(١) سورة الصافات : الآيتان ١٤ و ١٥ .
(٢) سورة الأنعام : الآية ٢٥ .
(٣) سورة آل عمران : الآية ٨٦ .