معشارها في هذا الكتاب . وقد قام بعض المحدِّثين ، بتآليف مفردة في هذا المجال ، أجْمَعُها فيه ما أَلَّفه الشيخ الحرّ العاملي ( م ١١٠٤ ) ، وأسماه بـ « إثبات الهُداة بالنصوص والمعجزات » ، وطبع في ثلاث مجلدات كبار . وقد جمع فيها معاجز النبي من كتب الشيعة والسنّة ، جزاه الله عن الإسلام . خير الجزاء .
* * *
إنّ أحاديث المسلمين حول معاجز النبي ، تمتاز على روايات اليهود والنصارى حول معاجز أنبيائهم من ناحيتين :
الأولى : قلّة الفترة الزمنية بيننا وبين حوادث العهد النبوي ، وكثرتها بيننا وبين حوادث عهود النبيَّيْن موسى وعيسى عليهما السلام ، وغيرهما ، وهذا يوجب الإطمئنان إلى روايات المسلمين أكثر من روايات غيرهم .
الثانية : تواتر الروايات الإسلامية حول معاجز النبي الأكرم وعدمه في الجانب الآخر ، فإنّها تنتهي إلى أفراد قلائل .
ومن أراد الوقوف على معاجز النبي فعليه المراجعة إلى الكتاب الذي أشرنا إليه حتى تتضح مصادر ما ذكره ، ويتبين تواترها إجمالاً ، وإن لم يكن بعضها متواتراً لفظاً (١) .
* * *
__________________
(١) التواتر ينقسم إلى لفظي ومعنوي وإجمالي ، والفرق بينهما واضح لمن كان له إلمام بعلم الدراية ، وحاصله أنّ الحديث إذا كان بنصّه متواتراً فهو التواتر اللفظي . وإذا كان كل واحد من الأحاديث غير متواتر نصّاً لكن الجميع يشهد عن قدر مشترك بينها ، كالأخبار الواردة حول سَخاء خاتم ، وبطولة الإمام علي ، فإنّ كلَّ واحد ، وإن كان لا يتجاوز أخبار الآحاد ، لكن الجميع يتفق في حكاية سماحة الأول ، وشجاعة الثاني ، فهذا الجامع ، متواترٌ معنىً . وأمّا الثالث فهو ما إذا كثرت الأخبار في موضوع ، ونعلم بصدور عدّة منها ، وإن لم يكن كل واحد معلوم الصدور ، كما في المقام ، فإنّ كلّ واحد من الأخبار حول معاجزه وإن كان غير متواتر ، لكن نعلم بصدور البعض قطعاً ، فهو متواتر إجمالاً .